الاقتصاد السعودي نموذج النهوض بعد الجائحة - #عاجل

الاقتصاد السعودي نموذج النهوض بعد الجائحة - #عاجل

شكلت القفزة السريعة التي شهدها الاقتصاد السعودي بعد عامين من جائحة كورونا نموذجًا عالميًا يضرب به المثل بتجاوز المصاعب والمقدرة على النهوض والتقدم والاستمرار في النمو بنسب فاقت جميع اقتصادات العالم التي لا يزال كثير منها يعاني من آثار الجائحة ويرزح تحت كم من المشاكل الاقتصادية التي خلفها عامان من أصعب سنوات العصر الحديث، التي ضربت جميع اقتصادات العالم ولا تزال تداعياتها تغير عديدا من خارطات ومفاهيم الاقتصاد العالمي.

ويرى اقتصاديون أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة خلال الجائحة أسهمت في التعافي السريع للاقتصاد وعودة وتيرة الاقتصاد للنمو بأعلى مما كانت عليه.

اجتياز أزمة جائحة كورونا

يرى المستشار الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين أن الاقتصاد السعودي نجح في اجتياز أزمة جائحه كورونا مع ما واجهه في تلك الفترة العصيبة من ضعف الموارد المالية الداخلية بسبب ظروف إغلاق العديد من القطاعات الاقتصادية بما انعكس سلبًا على مستويات نموها بجانب تأثيرها الشديد على السوق المالية السعودية (تاسي) الذي انخفض مؤشره بمعدلات خطيرة، ومن جانب آخر تضرر إيرادات الدولة بسبب ضعف أسعار النفط التي بلغت مستويات قياسية تاريخية حينما بلغت سالب 38 دولارًا الأمر الذي عد كارثة في أسواق النفط العالمية لا سيما على الدول المنتجة للنفط ومع ذلك شاهدنا كيف استطاعت حكومة المملكة بحنكة عالية وضبط دقيق لإيقاع حركة الاقتصاد السعودي وتدريجيًا انعكست سياسة الدعم الموجه وما يسمى التحفيز في النجاح من دفع حركة الاقتصاد للتعافي بالتدريج، لا سيما بعد انحسار آثار الجائحة.

بدأ مرحلة التعافي

يشير بوخمسين أن مرحلة التعافي السريع بدأت بزيادة أسعار النفط بالتدريج وهذا الأمر كان مرده لسياسة المملكة في إدارة دفة أسواق النفط عبر تكتل أوبك بلس ونجاحها في خلق وحدة الصف لهذا التكتل بما يحفظ أسعارًا مقبولةً عالميًا لكل من المنتجين والمستهلكين مع صمود أمام الضغوط الكبيرة التي كانت تمارسها الدول الكبرى المستهلكة للنفط وانعكس هذا الأمر على تحسن أداء مختلف القطاعات الاقتصادية مع عودتها للتشغيل الكامل وما انقشعت غيوم العام 2021 إلا والمملكة تعود لممارسة دورها الطليعي في الاقتصاد العالمي وشهدنا ارتفاع ملحوظ في عوائد الاقتصاد غير النفطي وزيادة مساهمته في إجمالي الناتج الوطني بشكل ملحوظ وشهدنا تحسن في نسبة نمو الاقتصاد السعودي واستمرت في الارتفاع والتحسن الملحوظ إلى أن أعلن صندوق النقد الدولي تقديراته الأخيرة بتسجيل السعودية أعلى ارتفاع لناتج قومي في العالم بنسبة 7.6%، حيث كشف تقرير أصدرته الهيئة العامة للإحصاء، أن الناتج المحلي السعودي الإجمالي، نما بالأسعار الثابتة على أساس سنوي 11.8 %، خلال الربع الثاني من العام الجاري، ليسجل بذلك أعلى نمو مسجل منذ العام 2011.

نمو القطاع الخاص

يضيف بوخمسين الناتج أن الناتج الحقيقي للأنشطة النفطية خلال الربع الثاني حقق نموًا بنسبة 23.1% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كما حقق الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة غير النفطية ارتفاعاً بنسبة 5.4% لذات الفترة، وقالت الهيئة إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدل موسمياً حقق خلال الربع الثاني من عام 2022 ارتفاعاً بنسبة 1.8% مقابل الربع الأول من العام.

ومع وجود قطاع خاص ينمو مستفيدًا من الإنفاق الكبير على مشاريع الرؤية الوطنية 2030 ومع الإعلان الحكومي عن تبني العديد من المشاريع الاستراتيجية العملاقه مثل نيوم وذا لاين والتي تعتمد في بنيتها الاقتصادية على منظومة الاقتصاد الحديث المتمثل في الطاقة المتجددة والبنية التحتية الرقمية والاقتصاد الرقمي إلى جانب السياحة في مفهومها الحديث وكذلك دخول الذراع الاستثمارية الحكومي متمثلًا في صندوق الاستثمارات العامة وتبنيه لمشاريع عملاقة مثل برنامج شريك وكذلك إعلانه عن إنفاق تريليونات الريالات في الاقتصاد السعودي في العديد من القطاعات الاقتصادية ذات العائد المرتفع ودعمه لقطاع الإسكان وتأسيسه شركات تطوير عقاري عملاقة لدعم هذا القطاع وتحسين نسبة مساهمته في الدخل الوطني تبعًا لمستهدفات الرؤية الوطنية و(خلف كل لك) وجود قطاع مالي مصرفي ضخم هو الأبرز في الشرق الأوسط ويتمتع (بملاءة) مالية استثنائية كل هذا دعم نمو الاقتصاد وخلق له ظروفا إيجابية عززت من نموه واستطاع بهذه الجاذبية الاستثمارية استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن بيئة آمنة للاستثمار وتكون حافلة بالفرص الاستثمارية وهذا ما شهدناه بوضوح في نسبة الاستثمار الأجنبية في السوق السعودي تاسي التي بلغت122%؜ لتسجل إنجازًا يحسب لها وبطبيعة الحال فإن توافر البيئة التشريعية والتنظيمية المتكاملة والناشطة جدًا في تطوير مختلف الأنظمة التشريعية والتنظيمية الحكومية بالذات في ما يخص هيئة سوق المال التي استطاعت حصد العديد من التقييمات العالمية العالية من قبل أكبر وكالات التقييم الائتماني العالمية بما انعكس على تقوية تاسي السعودي وقدرته على استقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب من مختلف دول العالم

النهوض السريع والنمو

يرى بوخمسين أن هذا النجاح في جعل نمو الاقتصاد السعودي لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة إدارة حكيمة لإيقاع حركة الاقتصاد بتطبيق سياسات مالية ونقدية مرنة وعالية الكفاءة نتج عنها هذا النجاح مستفيدًا من الظروف المتاحة في أسواق النفط والطاقة وتم توظيفها لتعزيز إيرادات الدولة بأفضل شكل ممكن دون تقديم تنازلات في هذا الصدد باعتبارها مصالح عليا غير قابلة للمساومة ولا شك أن تبني مفهوم تعزيز المحتوى المحلي بكل أبعاده الصناعية والخدمية والتركيز على تنمية قطاع الصناعة الوطنية في سد احتياجات الأجهزة الحكومية بكل مشترياتها وكذلك تلبية متطلبات السوق الداخلي والتوسع في الأنشطة التعدينية التي شهدت نموا منقطع النظير ومرشحة للزيادة ثم تبني منجزات التقنية المالية وخلق سوق كبير وشركات حديثة تقدم خدماتها المصرفية وخدماتها المالية حققت نموًا كبيرًا وأصبحت ذات وزن مالي كبير وأيضًا دخول الاستثمار الجريء بهدف النهوض بالعديد من القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنميتها كقطاعات التقنية والاتصالات والتحول الرقمي واعتماد مبدأ القيمة المضافة كمبدأ اقتصادي حاكم في مختلف القرارات الاقتصادية الكبرى

انطلاق مسيرة النمو

يؤكد بوخمسين أن ما نجحنا في الوصول إليه هو مجرد بداية لانطلاق مسيرة نمو الاقتصاد الوطني حيث أن مرحلة البناء الداخلي لمنظومة هذا الاقتصاد قد تكاملت ومشاريع الرؤية قد بدأت تؤتي أكلها بالتالي هناك مستقبل واعد بإذن الله بانتظار الاقتصاد الوطني والذي استطاع اجتياز عنق الزجاجة في السابق لينطلق بقوة متسارعة مدعومة بمختلف عناصر النجاح التي استطاع الاتكاء عليها وتوظيفها باقتدار ليخلق مستوى من أعلى مستويات النمو العالمية وهو مرشح للمزيد من النمو لا سيما بحصد الثمار التي سعى جاهدًا خلال السنوات الماضية للوصول إليها وتحقيقها على أرض الواقع وهو ما نأمل إن شاء الله في إكماله والانتقال لمرحلة جديدة يكون فيها الاقتصاد الوطني ليس فقط من العشرين اقتصادًا الأكبر بالعالم بل ضمن العشرة الأوائل الأكثر نموًا وتأثيرًا في الاقتصاد العالمي

المفاتيح